يُعد الوسواس القهري (Obsessive-Compulsive Disorder – OCD) من الاضطرابات النفسية المعقدة التي تتسم بوجود أفكار وسواسية قهرية وسلوكيات متكررة يصعب على المصاب التحكم بها. نظرًا لطبيعة هذا الاضطراب المتعددة الأوجه، فقد ظهرت الحاجة إلى أدوات تشخيصية دقيقة لقياس شدة الأعراض وتأثيرها على حياة المصاب. من بين أبرز هذه الأدوات: مقياس ييل-براون للوسواس القهري (Y-BOCS).
تم تطوير هذا المقياس في أواخر الثمانينيات في جامعة ييل الأمريكية من قبل مجموعة من الباحثين بقيادة الدكتور Wayne K. Goodman، وقد أصبح لاحقًا المعيار الذهبي في تقييم شدة الوسواس القهري في الدراسات السريرية والممارسة النفسية.
ما هو مقياس ييل-براون للوسواس القهري؟
Y-BOCS [1] هو مقياس سريري يستخدمه الأطباء النفسيون والمعالجون النفسيون لتقييم شدة الأعراض الوسواسية القهرية لدى المرضى البالغين. لا يهدف المقياس إلى تشخيص المرض بل إلى قياس شدته وتأثيره على الفرد.
يتألف المقياس من جزئين رئيسيين:
- قائمة الأعراض (Symptom Checklist): لتحديد نوعية الوساوس والأفعال القهرية.
- مقياس شدة الأعراض (Severity Scale): لتقييم شدة الأعراض من حيث التكرار، الحدة، ومدى تأثيرها على الأداء الوظيفي.
مكونات مقياس ييل-براون للوسواس القهري [2]
قائمة الأعراض (Symptom Checklist)
تتضمن هذه القائمة مجموعة من الفئات التي تشمل أبرز الوساوس والأفعال القهرية المحتملة، منها:
الوساوس (Obsessions):
- وساوس التلوث (خوف من الجراثيم، القذارة…)
- وساوس التكرار (تكرار الأفكار أو الصور)
- وساوس التنظيم والدقة
- وساوس العنف أو الأذى
- وساوس دينية أو جنسية
الأفعال القهرية (Compulsions):
- الغسل المفرط
- التحقق المتكرر (مثل التأكد من قفل الأبواب)
- الترتيب والتنظيم الزائد
- العد أو التكرار
- طلب الطمأنينة المستمر
يقوم المعالج بمساعدة المريض في تحديد أي من هذه الفئات تنطبق عليه، ما يساعد في تخصيص خطة العلاج المناسبة.
مقياس الشدة (Severity Scale)
يتكون من 10 أسئلة موزعة على قسمين: 5 للوساوس و5 للأفعال القهرية، وكل سؤال يُقيّم من 0 إلى 4:
تقييم الوساوس:
- مقدار الوقت الذي تشغله الوساوس
- درجة التداخل مع الأنشطة اليومية
- مقدار الضيق الناتج عن الوساوس
- مدى مقاومة المريض لها
- درجة السيطرة على هذه الوساوس
تقييم الأفعال القهرية:
- مقدار الوقت الذي تستغرقه الأفعال
- مدى التداخل مع الحياة اليومية
- الشعور بالضيق عند منع الأفعال
- القدرة على مقاومة هذه الأفعال
- مدى السيطرة عليها
مجموع الدرجات:
- الدرجة الكلية تتراوح بين 0 و40.
- تفسير الدرجات عادة يكون كالتالي:
- 0-7: لا توجد أعراض أو أعراض طفيفة
- 8-15: أعراض خفيفة
- 16-23: أعراض متوسطة
- 24-31: أعراض شديدة
- 32-40: أعراض شديدة جدًا
مقال ذي صلة: مثبطات استرداد السيروتونين: استخداماته وأنواعه
مميزات مقياس Y-BOCS
- دقة وموثوقية عالية: يعتبر من الأدوات الإكلينيكية المعتمدة عالميًا.
- مرونة التقييم: يمكن استخدامه في جلسة سريرية أو عن طريق مقابلة شبه منظمة.
- مفيد لتقييم فعالية العلاج: حيث يمكن استخدامه قبل وبعد العلاج لتحديد مدى التحسن.
- تكراره على مدار الوقت يساعد في رصد تطور الأعراض وتكييف خطة العلاج.
النسخة المعدّلة للأطفال (CY-BOCS)
بسبب الحاجة إلى تقييم الوسواس القهري لدى الأطفال والمراهقين، تم تطوير نسخة مخصصة تُعرف بـ CY-BOCS (Children’s Yale-Brown Obsessive Compulsive Scale). وتراعي هذه النسخة الخصائص العمرية والنفسية للأطفال، وتُستخدم على نطاق واسع في العيادات المتخصصة.
استخداماته في العلاج النفسي
يُستخدم مقياس ييل-براون في:
- التقييم الأولي: لتحديد شدة الحالة.
- وضع خطة علاجية مناسبة، سواء دوائية أو سلوكية.
- تتبع التحسن: عند استخدام العلاج المعرفي السلوكي (CBT) أو مثبطات امتصاص السيروتونين (SSRIs).
- الدراسات السريرية: لتقييم فعالية التدخلات المختلفة.
في الختام
يُعد مقياس ييل-براون للوسواس القهري أداة قيّمة في التقييم النفسي للوسواس القهري، لما يتمتع به من موضوعية ودقة. استخدامه الصحيح يساعد في فهم مدى تأثير الاضطراب على الفرد، وتوجيه الجهود العلاجية نحو التخفيف من معاناة المصاب وتحسين جودة حياته.
من المهم التأكيد على أن الوسواس القهري يمكن علاجه أو التخفيف من حدته بدرجة كبيرة، خاصة عند الجمع بين العلاج النفسي والدوائي، مع تقييم منتظم باستخدام أدوات موثوقة مثل Y-BOCS.
الأسئلة الشائعة (FAQ)
هل يمكن استخدام مقياس Y-BOCS ذاتيًا؟
رغم توفر نسخ ذاتية، إلا أن النسخة الرسمية تتطلب تدريبًا إكلينيكيًا لاستخدامها بدقة. يفضل دائمًا أن يتم تطبيقها بواسطة متخصص نفسي.
هل يستخدم المقياس لتشخيص الوسواس القهري؟
لا. المقياس لا يشخص الحالة، بل يقيس شدة الأعراض عند وجود تشخيص سابق أو شك سريري.
هل يمكن أن تختلف الدرجات من وقت لآخر؟
نعم. الأعراض الوسواسية قد تتأثر بعوامل نفسية واجتماعية مختلفة. لذا يُفضل تكرار المقياس دوريًا.
لا يوجد تعليقات .