الشره المرضي هو اضطراب في الأكل يتسم بنوبات متكررة من الإفراط في تناول الطعام، يليها محاولات للتخلص من الطعام عن طريق القيء، أو استخدام الملينات، أو ممارسة التمارين الرياضية بشكل مفرط. هذه الحالة تعكس علاقة مضطربة بعملية تناول الطعام، وقد تؤدي إلى عواقب صحية خطيرة. في هذا المقال، سنتناول تعريف الشره المرضي، أعراضه، أسباب ظهوره، وأهم الأساليب العلاجية المتبعة للتعامل معه.
تعريف الشره المرضي
الشره المرضي[1]، والمعروف أيضاً باسم “البوليميا نيفوزا” (Bulimia Nervosa)، هو اضطراب في الأكل يتميز بنمط من الإفراط في تناول الطعام ثم محاولة التخلص منه، مما يؤدي إلى اختلالات في النظام الغذائي وعادات الأكل. الأشخاص الذين يعانون من الشره المرضي يشعرون بفقدان السيطرة أثناء نوبات الأكل، حيث يستهلكون كميات كبيرة من الطعام بشكل مفرط في فترات قصيرة. بعد ذلك، يسعون للتخفيف من آثار هذه النوبات من خلال وسائل غير صحية مثل التقيؤ، استخدام المسهلات، أو الصيام القسري.
الشره المرضي يختلف عن اضطرابات الأكل الأخرى مثل فقدان الشهية العصبي (Anorexia Nervosa) في أن الأشخاص الذين يعانون من الشره المرضي يحافظون على وزنهم بالقرب من المعدل الطبيعي أو فوقه، عكس من يعانون من فقدان الشهية العصبي الذين يكون وزنهم منخفضاً للغاية.
أعراض الشره المرضي[2]
تظهر أعراض الشره المرضي بطرق متعددة وتؤثر على الجوانب النفسية والجسدية للمريض. من بين الأعراض الأكثر شيوعاً:
- نوبات الإفراط في الأكل: يعاني المصاب من نوبات من تناول كميات كبيرة من الطعام خلال فترة قصيرة، يشعر خلالها بعدم السيطرة على كمية الطعام التي يتم تناولها.
- محاولات للتخلص من الطعام: يسعى المريض للتخلص من الطعام الذي تناوله بطرق ضارة، مثل القيء المتكرر أو استخدام الملينات.
- تغيرات في الوزن: رغم أن الأشخاص الذين يعانون من الشره المرضي قد لا يكون لديهم انخفاض حاد في الوزن، فإنهم قد يواجهون تقلبات وزنية ملحوظة.
- القلق والاضطرابات النفسية: يعاني المصابون من مشاعر الاكتئاب، القلق، وتدني احترام الذات، نتيجة الإحساس بالذنب والندم بعد النوبات.
- الاهتمام المفرط بمظهر الجسم: يظهر المريض قلقاً بشأن وزنه وشكله، ويضع معايير مثالية للياقة والنحافة.
- تغيرات في نمط الأكل: قد يصبح المريض أكثر انعزالاً عن الأصدقاء والعائلة، ويتجنب تناول الطعام في الأماكن العامة.
مقال ذي صلة: فقدان الشهية العصبي: أعراضه، أسبابه وطرق علاجه
أسباب الشره المرضي
الشره المرضي هو اضطراب معقد يحدث نتيجة تفاعل عدة عوامل بيولوجية ونفسية واجتماعية. من بين الأسباب الرئيسية لظهور هذا الاضطراب:
- العوامل النفسية:
من العوامل النفسية الرئيسية التي تساهم في ظهور الشره المرضي هي تدني احترام الذات، القلق، الاكتئاب، والشعور بالذنب. الأشخاص الذين يعانون من ضعف في الثقة بالنفس، وصعوبة في التعامل مع الضغوط النفسية، قد يكونون أكثر عرضة للإصابة بالشره المرضي.
- العوامل الوراثية:
تشير الدراسات إلى أن العوامل الوراثية قد تلعب دوراً مهماً في ظهور الشره المرضي. فقد أظهرت الأبحاث أن وجود تاريخ عائلي للاضطرابات النفسية والأكل يزيد من خطر الإصابة بالشره المرضي.
- العوامل الاجتماعية:
الضغوط المجتمعية والثقافية تلعب دوراً كبيراً في ظهور اضطرابات الأكل، حيث يؤدي التركيز المفرط على الجمال والنحافة في وسائل الإعلام إلى تعزيز صورة غير واقعية للجسم، مما يسبب القلق لدى الأفراد بشأن شكلهم ووزنهم.
- العوامل البيئية:
الضغوط الحياتية مثل الضغط الدراسي أو العائلي، وعدم الدعم النفسي والاجتماعي، يمكن أن تكون سبباً في تفاقم اضطرابات الأكل مثل الشره المرضي.
- السلوكيات الغذائية المكتسبة:
الأشخاص الذين يفرطون في تناول الطعام بعد فترات من الحرمان أو الصيام قد يكونون أكثر عرضة لتطوير سلوكيات غذائية غير صحية، مثل التقيؤ أو استخدام الملينات، كوسيلة للتحكم في الوزن.
العلاج والتعامل مع الشره المرضي[3]
الشره المرضي يمكن التعامل معه وتحسينه من خلال مزيج من العلاجات النفسية والطبية. من بين الأساليب العلاجية الأكثر فعالية:
- العلاج النفسي:
العلاج المعرفي السلوكي (CBT) يُعد من أكثر العلاجات فعالية لعلاج الشره المرضي. يساعد هذا النوع من العلاج في التعرف على الأنماط السلوكية السلبية، والتعامل مع المشاعر المزعجة، مثل القلق والاكتئاب، التي قد تؤدي إلى نوبات الإفراط في تناول الطعام.
- الأدوية:
قد يوصى باستخدام بعض الأدوية المضادة للاكتئاب، خاصة مثبطات امتصاص السيروتونين الانتقائية (SSRIs)، والتي أثبتت فعاليتها في تقليل أعراض الشره المرضي.
- التغذية العلاجية:
العمل مع مختص تغذية للمساعدة في إعادة بناء عادات الأكل الصحية، وتعليم المصابين كيفية تناول الطعام بطرق متوازنة ودون مبالغة أو حرمان.
- دعم الأسرة والمجتمع:
الدعم الاجتماعي من العائلة والأصدقاء يلعب دوراً هاماً في مساعدة المريض على التعافي. توفير بيئة داعمة تساعد في تحسين الثقة بالنفس وتسهيل عملية التعافي.
- الوعي الذاتي:
تعزيز الوعي الذاتي حول الأفكار والمشاعر التي تؤدي إلى نوبات الإفراط في الأكل، والتعلم كيفية إدارة الضغوط النفسية والضغوط الاجتماعية.
في الختام
الشره المرضي هو اضطراب معقد يترك آثاراً عميقة على الصحة النفسية والجسدية للأفراد. مع ذلك، العلاج المبكر والدعم النفسي والاجتماعي يمكن أن يلعب دوراً مهماً في التعافي. من الضروري زيادة الوعي المجتمعي بأعراض الشره المرضي، وتقديم الدعم للأشخاص الذين يعانون منه، من خلال توفير خدمات العلاج النفسي، التغذية، والمجتمعات الداعمة. بالتعاون والتوجه نحو العلاج، يمكن للأفراد المصابين تجاوز هذا الاضطراب والعمل نحو حياة صحية ومستقرة.
الأسئلة الشائعة
- ما الفرق بين الشره المرضي وفقدان الشهية العصبي؟
الشره المرضي يتميز بنوبات من الإفراط في تناول الطعام يليها محاولات التخلص من الطعام، بينما فقدان الشهية العصبي يتسم بنقص شديد في تناول الطعام بسبب القلق من زيادة الوزن.
- هل يمكن الشفاء من الشره المرضي؟
نعم، يمكن التعافي من الشره المرضي. العلاج المبكر والدعم النفسي يزيدان من فرص التعافي، لكن يحتاج المصابون إلى التزام طويل الأمد بالعلاج.
- ما دور الأسرة في علاج الشره المرضي؟
الدعم الأسري هام في علاج الشره المرضي. الدعم العاطفي، فهم المشكلة، وتعزيز الثقة بالنفس يساعد في تعزيز عملية التعافي.
- هل توجد أدوية فعالة للشره المرضي؟
نعم، الأدوية مثل مثبطات امتصاص السيروتونين الانتقائية (SSRIs) قد تساعد في تقليل أعراض الشره المرضي.
- هل الشره المرضي يقتصر على النساء؟
لا، الشره المرضي يمكن أن يصيب الرجال أيضاً، على الرغم من أنه أكثر شيوعاً بين النساء.
- ما هو دور العلاج المعرفي السلوكي في علاج الشره المرضي؟
العلاج المعرفي السلوكي يساعد في التعرف على الأنماط السلبية المتعلقة بالطعام، والعمل على تغييرها من خلال تدريب المريض على التفكير بشكل إيجابي وتعزيز مهارات التحكم في الأكل.
- هل هناك عوامل بيئية تؤدي إلى الشره المرضي؟
نعم، الضغوط الحياتية مثل الدراسة، العمل، أو العلاقات الأسرية قد تؤدي إلى تفاقم اضطرابات الأكل.
لا يوجد تعليقات .