في عصرنا الحديث إنتشرت كثير من المتلازمات النفسية التي تسببها وسائل التواصل الإجتماعي، وهذا عائد إلى الإدمان الكبير الحاصل عليها في مجتمعاتنا اليوم، أحد هذه المتلازمات هي متلازمة FOMO سوف نتعرف اليوم عليها، وماهي أسبابها ، وكيف يمكن علاج الشخص المصاب بها ؟
ماهي متلازمة FOMO
متلازمة FOMO هي اختصار لعبارة “خوف من الفوات” باللغة الإنجليزية “Fear of Missing Out”. يعرفها الأطباء النفسيون بأنها حالة نفسية تتسم بالقلق والتوتر الشديدين الناجمين عن الشعور بأن الشخص قد يفوت فرصًا مهمة أو تجارب جديدة في حياته، فيشعر الأشخاص المصابون بمتلازمة FOMO بضغط نفسي كبير للمشاركة في كل شيء يحدث حولهم والتواجد في جميع الأحداث الاجتماعية والمناسبات.
يُعزى انتشار متلازمة FOMO بشكل كبير إلى التكنولوجيا الحديثة وتواجد وسائل التواصل الاجتماعي في حياة الأفراد، فيتابع الأشخاص حياة الآخرين ونشاطاتهم من خلال وسائل التواصل الاجتماعي، مما يولد لديهم الشعور بالضغط والقلق إذا شعروا بأنهم يفوتون شيئًا مهمًا أو أنهم غير متصلين بالأحداث الجارية، مما يترتب عنه تأثيرات سلبية على الصحة النفسية مثل الاكتئاب والقلق والعزلة الاجتماعية.
تُعد متلازمة FOMO ظاهرة شائعة في عصرنا الحالي حيث يعاني العديد من الأفراد من الشعور بالقلق والتوتر بسبب الخوف من تفويت فرصة مهمة أو تجربة جديدة، وقد لايعلم الكثير من الأشخاص اليوم بإصابته بها وهذا بسبب قلة الوعي والإندماج الزائد في وسائل التواصل الإجتماعي.
أسباب متلازمة FOMO
هناك عدة أسباب تسهم في ظهور متلازمة FOMO وتعزيزها ومن أبرز هذه الأسباب:
وسائل التواصل الاجتماعي: تعتبر استخدام وسائل التواصل الاجتماعي أحد أهم العوامل التي تسهم في تفاقم متلازمة FOMO حيث تتيح للأفراد مشاهدة حياة الآخرين ومشاركاتهم التي قد تكون مثيرة ومليئة بالمغامرات والفعاليات، مما يولد الشعور بالقلق والحاجة الماسة للمشاركة في تلك الأنشطة.
الثقافة الاجتماعية: يمكن أن تلعب الثقافة الاجتماعية دورًا في تعزيز متلازمة FOMO ففي بعض الثقافات يعتبر الاندماج الاجتماعي والمشاركة في الأحداث والمناسبات الاجتماعية عنصرًا أساسيًا للقبول والانتماء، مما يدفع الأفراد إلى الشعور بالقلق من تفويت أي فرصة مهمة قد تؤثر على مكانتهم الاجتماعية.
الضغط الثقافي: يُمكن أن يسهم الضغط الثقافي في زيادة متلازمة FOMO فعندما يشعر الأفراد بأن الآخرين يحققون نجاحات كبيرة أو يعيشون تجارب رائعة يتسبب هذا في توليد شعور بالنقص لعدم القدرة على مواكبة هذه التجارب والحفاظ على مستوى التفوق.
التسويق والإعلان: يلعب التسويق والإعلان دورًا كبيرًا في تعزيز متلازمة FOMO فعندما يتم تسويق منتجات أو فعاليات معينة على أنها حصرية ومحدودة، يشعر الأفراد بالضغط للمشاركة والحصول على تلك الفرصة المحدودة قبل أن تفوتهم.
لهذا فإن متلازمة FOMO تعكس الضغوط الاجتماعية والثقافية التي يواجهها الأفراد في عصرنا الحالي، ومن المهم أن يكون لدينا فهم لهذه الأسباب لنتمكن من التعامل معها بشكل صحيح وتقليل تأثيرها السلبي على صحتنا النفسية.
أعراض متلازمة FOMO
متلازمة FOMO تترافق مع مجموعة متنوعة من الأعراض التي تؤثر على الصحة النفسية والعاطفية للأفراد المصابين بها، ومن بين الأعراض الشائعة نذكر:
القلق المستمر: يعاني الأشخاص المصابون بمتلازمة FOMO من قلق مستمر ومستوى عالٍ من التوتر بسبب الشعور بأنهم يفوتون فرصًا هامة أو تجارب جديدة في حياتهم.
الاستياء والانزعاج: يشعر المصابون بهذه المتلامزمة بالانزعاج والاستياء عندما يكتشفون أن الآخرين يشاركون في أنشطة أو فعاليات دونهم، مما يثير الشعور بالنقص والاستبعاد.
التركيز المستمر على وسائل التواصل الاجتماعي: يشعر المصابون بمتلازمة FOMO بالحاجة المستمرة للتحقق من وسائل التواصل الاجتماعي ومتابعة أنشطة الآخرين، حتى لا يفوتوا أي حدث مهم أو منشور يثير اهتمامهم.
الشعور بالضغط الاجتماعي: يعاني المصابون بمتلازمة FOMO من الشعور بالضغط الاجتماعي للمشاركة في جميع الأنشطة والفعاليات، والخوف من أنهم لن يكونوا على قدر المستوى أو أنهم قد يفقدون فرصًا هامة.
انخفاض الرضا الذاتي: يمكن أن يؤدي التركيز المستمر على حياة الآخرين والمقارنة المستمرة إلى انخفاض الرضا الذاتي والشعور بأن الشخص لا يحقق ما يحققه الآخرون.
الاكتئاب والانطواء: في بعض الحالات الشديدة يمكن أن يتطور القلق والضغط المستمر المرتبط بمتلازمة FOMO إلى حالات اكتئابية وانطوائية حيث ينعكس ذلك في انخفاض النشاط والرغبة في التفاعل الاجتماعي.
يجب أن نذكر أنه ليس كل شخص يعاني من قلق أو توتر بسبب تفويت فرصة ما يعاني تلقائيًا من متلازمة FOMO إلا أنه عندما تكون هذه الأعراض مستمرة وتؤثر بشكل كبير على الحياة اليومية والعلاقات الاجتماعية قد يعني هذا أن الشخص مصاب.
علاج متلازمة FOMO
لعلاج متلازمة FOMO هناك عدة خطوات يمكن اتخاذها للتعامل مع الأعراض وتقليل تأثيرها على الحياة اليومية، ومن بين الطرق المفيدة:
الوعي والتفهم: يجب أن يكون الشخص على علم بأن متلازمة FOMO هي ظاهرة شائعة وأنه ليس وحده في تجربتها. يمكن للتفهم الواعي للمتلازمة أن يخفف من الضغط النفسي المرتبط بها.
تقييم الأولويات: ينصح بتحديد الأولويات والاهتمام بالأنشطة والفعاليات التي تتوافق مع الأهداف الشخصية والاحتياجات الفعلية للفرد، كما يجب التركيز على ما يحقق الرضا الذاتي بدلاً من الشعور بالضغط لمتابعة كل شيء.
الحدود الشخصية: ينبغي وضع حدود صحية في استخدام وسائل التواصل الاجتماعي والتقليل من الوقت المستخدم في متابعة حياة الآخرين، فيمكن تحديد أوقات محددة للتواصل الاجتماعي وتجنب الاستخدام المفرط الذي يزيد من الشعور بالقلق والضغط.
التواصل الواقعي: يوصى بتعزيز الاتصالات الحقيقية والواقعية مع الآخرين، فينصح بالاجتماع مع الأصدقاء والعائلة ومشاركة الأنشطة والتجارب مباشرة بدلاً من الاعتماد فقط على الاتصالات الرقمية.
البحث عن دعم: قد يكون من المفيد البحث عن دعم من الأصدقاء أو العائلة أو الاستعانة بمساعدة متخصصين في الصحة النفسية، مثل الأطباء النفسيين أو المستشارين النفسيين للتعامل بشكل فعال مع متلازمة FOMO إما حضوريا إو عن طريق الأنترنت.
يجب أن يكون العلاج شخصيًا وملائمًا لاحتياجات الفرد المصاب بمتلازمة FOMO، لهذا فيمكن أن تساعد الاستشارة الخاصة بالصحة النفسية في تحديد الطرق الأكثر فعالية للتعامل مع الأعراض وتحقيق الرفاهية النفسية.
الخلاصة من مقال متلازمة FOMO :رواد وسائل التواصل الاجتماعي في خطر !
في الختام تعد متلازمة FOMO ظاهرة شائعة في العصر الحديث نتيجة تواجد وسائل التواصل الاجتماعي والضغوط الاجتماعية، فهذه المتلازمة تسبب القلق والتوتر الشديدين بسبب الشعور بالنقص المتولد عن متابعة حياة الآخرين، لكن باتخاذ الخطوات الصحيحة للتعامل معها بشكل صحي ومواجهة الأعراض يمكننا تقليل تأثيرها وتحسين صحتنا النفسية.
كما يجب أن نتذكر أن حياتنا الشخصية وسعادتنا لا تعتمد على مدى مشاركتنا في جميع الأنشطة أو تجارب الآخرين، لأنها تعتمد على تحقيق التوازن وتحقيق أهدافنا الشخصية والعناية براحتنا النفسية، فعلينا أن نتعلم أن نقدر ونستمتع بما لدينا في الحاضر بدلاً من الاهتمام الزائد بما يحدث للآخرين.
علينا أيضًا أن نكون صوتًا نشطًا في حياتنا ونحدد أولوياتنا ونختار الأنشطة التي تلبي احتياجاتنا الشخصية وتسعدنا، كما يجب أن نستغل وسائل التواصل الاجتماعي بشكل صحيح ونحافظ على حدودها لتجنب الاستهلاك المفرط والضغط النفسي.
أخيرًا نحث الأفراد الذين يحسون أنهم يعانون من متلازمة FOMO على طلب المساعدة عند الحاجة، فالدعم النفسي المناسب والتوجيه المهني يمكن أن يكون لهما تأثير إيجابي في التغلب على المتلازمة وتحسين جودة حياة الفرد المصاب.
لا يوجد تعليقات .