فوبيا الثقوب: إنّ الخوف يُعدّ من المشاعر الأساسية التي يُعايشها الإنسان، ولا يوجد فرد لا يخاف أيّ شيء على الإطلاق. لكن، يختلف الأمر من فرد إلى آخر. وتنتشر العديد من المخاوف الوهمية بين أفراد كثيرين، والتي قد تكون قد أثّرت أعراضها على تصرفاتهم وحياتهم، ومن الممكن أن تُثير سخرية المحيطين بهم. وتتعدّد أنواع الخوف المرضي، ومن أشهرها: فوبيا الظلام، وفوبيا الحشرات، وفوبيا المرتفعات، وفوبيا الأماكن المغلقة. ويُعاني البعض من نوعٍ مرضيّ من الخوف يُطلق عليه رهاب الثقوب، أو التريبوفوبيا.
تُصنَّف التريبوفوبيا كخوف من الفجوات، وهي مرتبطة أيضًا بالخوف الناشئ من الأشكال المستديرة مثل الفقاقيع. نتساءل، ما السبب وراء جعل الثقوب تبدو مقززة؟ قد تكون الإجابة مختبئة تحت الجلد.
فوبيا الثقوب (Trypophobia)[1]:
هي حالة مرضية يُعاني المصاب بها من شعور بعدم الارتياح، أو الخوف عند رؤية مجموعة من الثقوب الصغيرة أو النقاط المتلاصقة بنمط معين. وكلما كان تجمع الثقوب أكبر، أدّى إلى زيادة الخوف لدى المصاب.
تُسمّى هذه الحالة بفوبيا الثقوب لأول مرة عبر الإنترنت في عام 2005. ثم تم تسمية التريبوفوبيا بعد عام 2004، وتحولت إلى الكلمة الأكثر استخدامًا بعدها في 2009، وكانت معالجة نفسية إيرلندية السبب وراء صياغتها على أحد المنتديات على الإنترنت. وتتكون كلمة التريبوفوبيا من دمج كلمتين يونانيتين تعنيان الخوف من الثقوب. وأثبتت إحدى الدراسات أن حوالي 15% من الأشخاص يعانون من هذا الخوف المرضي.
هل تُعتبر فوبيا الثقوب فوبيا حقيقية؟
تُعتبر الفوبيا أو الرهاب اضطرابًا نفسيًا يُعاني فيه المصاب من ردة فعل غير طبيعية وخوف مستمر تجاه شيء، أو حدث، أو موقف معين.
يُسميها البعض فوبيا أو خوفًا، وهذه تسمية خاطئة لأنها ليست بمرض، ولا تنتمي أيضًا لأي نوع من أنواع الفوبيا الأخرى، ولكنها مجرد شيء مقزز يسبب التوتر والقرف والتقزز عند رؤيته، وليس خوفًا بالمعنى الحرفي. وهذا النوع من التوتر يجعل الجسم يشعر بالقشعريرة وشعور بالحكة أحيانًا. ومع أن البعض يصنفها كمرض، فإن هذا يخالف شعور الفوبيا تمامًا ويختلف عن أنواع الفوبيا الأخرى، مثل: فوبيا الحيوانات، وفوبيا المرتفعات.
بحسب الجمعية الأمريكية للطب النفسي (APA)، لم يتم إدراج فوبيا الثقوب رسميًا ضمن دليلها التشخيصي والإحصائي للاضطرابات النفسية، الطبعة الخامسة (DSM-5). لذلك، يُعتبرها المختصون أقرب إلى الشعور بالتقزز من كونها فوبيا.
أدلة ونظريات عن فوبيا الثقوب:
توجد العديد من النظريات التي تحاول مناقشة أسباب الإصابة برهاب الثقوب[2]، منها ارتباط هذا الخوف في العقل الباطن بالخوف من الحيوانات المفترسة، والتي يكون مظهرها مشابهًا للأنماط المملوءة بالثقوب.
ترجع نظرية أخرى الشعور بالقلق والتوتر الذي يُعاني منه المصاب بالتريبوفوبيا، إلى ارتباطه بالخوف من الفطريات، أو غيرها من الجراثيم، والتي تُعد سببًا في الإصابة بأمراض معدية، تؤدي إلى ظهور علامات جلدية تكون شبيهة بالثقوب.
أعراض فوبيا الثقوب “التريبوفوبيا”:
يؤكد الباحثون أن الخوف يُعتبر أبرز أعراض التريبوفوبيا، وأن هذا الرهاب يُعد رهابًا بصريًا، حيث إن مجرد النظر إلى الصور يُشعر المصاب بالاشمئزاز والقلق. تشبه أعراض فوبيا الثقوب أعراض نوبة الذعر، ومنها:
- الخوف، والقلق، والقشعريرة، وأحيانًا النفور أو الاشمئزاز.
- الشعور بالحكة في الجسم.
- القيء والغثيان، والتعرق، وضيق النفس.
- وتسارع نبضات القلب، والارتجاف أو الاهتزاز في الجسم.
- ممكن أن يصل الأمر في بعض الحالات إلى الإصابة بنوبات من الهلع.
عوامل الإثارة التي تزيد من حدة التريبوفوبيا:
بعض الباحثين يرون وجود علاقة بين هذا الاضطراب والقلق الاجتماعي، استنادًا إلى دراسات وأبحاث قاموا بها، حيث تزداد حدة إصابة من يعانون من التريبوفوبيا بالاكتئاب واضطراب القلق العام.
ويوجد العديد من العوامل التي قد تكون سببًا في ظهور أعراض هذا الخوف المرضي، من ضمنها بعض أنواع الفاكهة كالفراولة والرمان والشمام، وبذور الفاكهة[3].
كما يمكن أن تؤدي خلايا النحل، وجراب بذور اللوتس، والمرجان، وتكاثف الماء، والإسفنج، وفقاعات الصابون إلى ظهور هذه الأعراض.
وتتسبب أيضًا الحيوانات ذات الجلد أو الفرو المنقط، سواء كانت حشرات أو ثدييات أو برمائيات، وكذلك عناقيد العيون في بعض الحشرات، والبثور التي توجد على الجلد بسبب أحد الأمراض الجلدية، في زيادة حدة فوبيا الثقوب، التي تكون أكثر شيوعًا بين النساء من الرجال. إن بعض المصابين بفوبيا الثقوب يعانون من اضطرابات نفسية أخرى مثل:
علاج فوبيا الثقوب “التريبوفوبيا”:
لا يوجد علاج واضح لفوبيا الثقوب نظرًا للجدل القائم حولها وعدم إدراجها بشكل رسمي تحت مسمى الفوبيا. ولكن، بشكل عام، يتم علاج فوبيا الثقوب والسيطرة على أعراضها باتباع نفس الطرق والعلاجات المستخدمة لعلاج الرهاب، ومن هذه الطرق العلاجية:
1. علاج فوبيا الثقوب بالتعرض: يعتمد على فكرة تغيير رد الفعل تجاه الأشياء التي تسبب الخوف.
2. العلاج السلوكي المعرفي: يساعد المصابين على التحدث عن أفكارهم وتأثيرها على سلوكياتهم وحياتهم وأحاسيسهم.
3. استخدام بعض مضادات الاكتئاب: مثل السيرترالين (Sertraline)، قد يكون مفيدًا عند استخدامه مع العلاج السلوكي المعرفي.
4. تجنب الكافيين ومسببات التوتر.
5. الاستعانة بوسائل الاسترخاء: مثل اليوجا والتنفس العميق وممارسة التأمل.
6. اتباع نمط حياة صحي: بتناول طعام صحي، النوم الكافي، وممارسة الرياضة بانتظام.
جدالات حول مرض فوبيا الثقوب “التريبوفوبيا”
رغم الجدل حول تصنيفها كفوبيا، فإن الكثيرين يعانون من هذا الخوف المرضي، مما أدى إلى إنشاء جمعية باسم هذا الاضطراب. ينبع الرفض بالاعتراف بهذا الخوف المرضي إلى أن الرهاب يُعرف كخوف متواصل من نشاطات أو مواقف معينة، وينتج عن هذا الخوف للمصاب به حالة من الضيق.
نصائح مهمة لمريض التريبوفوبيا[4]:
– ممارسة الاستراتيجيات الذهنية وتمارين التأمل والاسترخاء.
– اتباع نمط حياة صحي، بممارسة الرياضة، النوم الكافي، وتناول الأطعمة الصحية.
– التفكير بصورة إيجابية وتغيير النظرة تجاه الأشياء التي تسبب الخوف.
رهاب الثقوب، أو التريبوفوبيا، هو خوف من رؤية أو التعرض للأشياء التي تحتوي على ثقوب بأشكال معينة. تشمل الأعراض الشعور بالغثيان، الرجفة، ضيق النفس، وغيرها. على الرغم من الجدل حول تصنيفها كفوبيا، هناك طرق علاجية متاحة تشمل العلاج بالتعرض، العلاج السلوكي المعرفي، واستخدام بعض الأدوية. يُنصح المصابون باتباع نمط حياة صحي وممارسة تمارين الاسترخاء لتقليل التوتر والأعراض.
هل تحتاج إلى مساعدة؟
إذا كنت تُعَانٍي من فوبيا الثقوب، لا تواجه هذا الطريق وحدك. العلاج المعرفي السلوكي يمكن أن يكون بداية طريقك نحو التعافي. للحُصُول على دعم فوري، تواصل مع طبيب نفسي اونلاين الآن.