طبيب نفسي، أخصائي نفسي [1]، ومعالج نفسي – كلها ألقاب وتخصصات متباينة قد تُربكك إذا كنت تفكر في بدء رحلة العلاج النفسي أو الاستشارة النفسية لمواجهة حالتك. عند رغبتك في خوض هذه التجربة، ستجد أمامك تشكيلة واسعة من الأطباء والأخصائيين النفسيين، مما يجعلك في حيرة من أمرك حول من أين تبدأ، إلى أين تتجه، وكيف تختار الأنسب لك. وقد تتساءل، ما هي الاختلافات الجوهرية بين ما يقدمه كل من هؤلاء الاختصاصيين في مجال العلاج؟ في هذا المقال، سنتطرق بإذن الله إلى الفروق بين الطبيب النفسي والأخصائي النفسي بتفصيل دقيق.
نعيش الآن في أيام مليئة بالثقل والسرعة في التطورات والأحداث، التي تغير الأحوال في غمضة عين، حتى بتنا نجهل عدد الأيام التي مرت وما حدث فيها، أو حتى في أي يوم نحن الآن!
وفي اللحظات التي تجد فيها همومك ومشاكلك تتراكم فوق رأسك، تشعر بأن سلامك وطاقتك النفسية تتآكل شيئًا فشيئًا، حتى تبدأ في الشعور بأن قدرتك على التحمل تتلاشى.
تبدأ الشكوك بالتسلل إلى ذهنك، وتطاردك الكوابيس والمخاوف والوساوس، سواء في يقظتك أو أثناء نومك.
وقد تصل إلى نقطة تشعر فيها بأنك بحاجة ماسة إلى المساعدة؛ لاستعادة توازنك وطاقتك وروحك. فهل حان الوقت الآن للخضوع لاستشارة نفسية؟
في هذه السطور، سأشرح لك بالتفصيل الفروق بين الطبيب النفسي والأخصائي النفسي، وأين يمكنك التوجه إذا احتجت لذلك.
يجدر الذكر أن كلاً من الطبيب النفسي والأخصائي النفسي قادران على التعرف والتعامل مع جميع الاضطرابات النفسية الشائعة، رغم الاختلاف في المنهجية الخاصة التي يتبعها كل منهما في العلاج والتشخيص.
الان يجب ان نعرف من هو الطبيب النفسي :
يبدأ مسار الطبيب النفسي [2] بالتخرج من كلية الطب، ومن ثم التخصص في مجال الطب النفسي. بعد ذلك، يخضع الطبيب لفترة تدريبية مكثفة في المستشفيات المتخصصة، التي تعنى بعلاج مختلف الاضطرابات النفسية، بما في ذلك الاكتئاب والاضطراب ثنائي القطب، بالإضافة إلى معالجة مشكلات وأمراض الإدمان.
يتميز الطبيب النفسي بقدرته على تشخيص جميع الاضطرابات النفسية والمشكلات السلوكية، ويتعامل معها بشكل شامل بهدف علاجها. كما يعمل على المساعدة في تخفيف والحد من المضاعفات المرتبطة بهذه الاضطرابات. يمتلك الطبيب النفسي المؤهلات لوصف العلاجات الدوائية، إلى جانب تقديم الدعم النفسي والعلاج السلوكي، حسب ما تقتضيه حالة المريض.
طريقة الطبيب النفسي في التشخيص:
يجري الطبيب النفسي مجموعة شاملة من الفحوصات والتحاليل والأمور والاختبارات النفسية العالقة؛ ليتعرف بشكل صحيح ودقيق على أصل واساس المشكلة ويحدد بدقة ما إذا كانت هي مشكلة عضوية أو نفسية بالضبط.
فمثلًا:
- يستبعد أولا وجود مشكلة عضوية كقصور وظائف الغدة الدرقية مثلا الذي يسبب أعراضًا مشابهة لمرض الاكتئاب واضطرابات وحالات القلق.
- بعدها يتحقق من تأثير الأدوية المستخدمة والتي يتناولها المريض على أعراض مرضه المختلفة.
- حينها يقرر فيما إذا كان سبب تلك الأعراض والاضرابات هي خللًا في كيمياء المخ ام غير ذلك.
- ينظر بعدها إلى تاريخك الشخصي وتاريخ عائلتك او اسرتك المرضي، وهنا يأخذ في اعتباره العامل الوراثي الخاص لبعض الاضطرابات النفسية.
كما ويستعين الطبيب النفسي المختص في التشخيص بالملاحظة وبالدليل التشخيصي والإحصائي أيضا للاضطرابات النفسية، والذي يتكون ويحتوي على وصف تفصيلي دقيق للأعراض الموجودة وطرق العلاج.
اما طريقة الطبيب النفسي في العلاج:
يستخدم الطبيب النفسي اساسيات وطرق عديدة وكثيرة ومتنوعة ايضا للعلاج، وذلك تبعًا لحالة كل مريض الخاصة.
مثال على ذلك:
- أولا العلاج الدوائي الخاص:
هنا يمكن القول انه يُعد الطبيب النفسي الشخص الوحيد القادر على وصف الأدوية المخصصة لعلاج الاضطرابات النفسية المختلفة؛ ويختار منها ما يناسب حالتك الصحية المرضية.
ويقيِّم عندها على فترات متعددة مدى استجابتك لهذا العلاج، ويحدد عندها وعلى أساسها كافة الجرعات المناسبة لك، ومدى وكمية احتياجك لأنواع أخرى ممكنة من العلاج.
وهنا يمكن القول ان الأدوية تعتبر حلًا ضروريًا في بعض الحالات المحددة، وتساعد أيضا على علاج الخلل الحاصل في كيمياء المخ، وتخفف أيضا حدة بعض الأعراض الظاهرة.
ومن أمثلة الأدوية المستخدمة والتي قد يصفها لك طبيبك النفسي ما يلي:
- مضادات الاكتئاب: مثل ادوية مثبطات استرداد السيروتونين الانتقائية، وأيضا مضادات الاكتئاب التي تعتبر ثلاثية الحلقات.
- مضادات الذُّهان: مثل الريس يريدون والأريبيبرازول والكويتيابين.
- مضادات القلق وأيضا المهدئات: مثل عائلة البينزوديازبين.
- مثبتات المزاج: مثل ادوية الليثيوم وادوية حمض الفالبرويك والكاربامازبين.
- الأدوية المنبهة المختلفة.
العلاج النفسي:
يستخدم طبيبك هنا العلاج النفسي أو مثلا العلاج عن طريق الكلام إما لوحده أي بمفرده أو يستخدمه الى جانب الأدوية الموصوفة.
وذلك ليتمكن من مساعدتك على التعامل والتصرف مع بعض الأفكار الكثيرة الخاطئة، وتَخطي بل وتجاوز بعض الصدمات الخطيرة التي قد تمنعك من ممارسة حياتك اليومية والروتينية بشكل طبيعي.
وهنا عندها يتكون العلاج النفسي من مجموعة جلسات متعددة وبأوقات مختلفة يحددها لك الطبيب؛ قد تكون قصيرة المدى احيانا، تستمر لعدد او لفترة بسيطة من الجلسات، أو تصبح طويلة المدى أحيانا أخرى، تمتد من الممكن لسنوات حسب حالتك.
علاجات أخرى متوفرة:
بإمكان الطبيب النفسي، دونًا عن غيره، ان يستخدم إجراءات ثانية متاحة مثل:
طرق العلاج بالصدمات الكهربائية: حيث تستخدم في بعض الحالات الخطيرة المتقدمة من اعراض اضطراب ثنائي القطب المتقدم الذي لا يستجيب ابدا للأدوية.
اما الان من هو الأخصائي النفسي؟
على عكس الطبيب النفسي، لا يدرس الأخصائي النفسي [3] الطب، بل يركز تعليمه بشكل حصري على علم النفس. يبدأ مساره التعليمي بالحصول على درجة البكالوريوس في علم النفس، يليها متابعة الدراسات العليا للحصول على درجة الماجيستير وأيضًا الدكتوراه في التخصصات النفسية المعينة.
من خلال دراسته المتعمقة، يصبح الأخصائي النفسي مؤهلاً لفهم الشخصيات الإنسانية المتنوعة ونظريات التحليل النفسي بشكل دقيق، مما يمكنه من تحديد وتقييم الاضطرابات النفسية والمشاكل السلوكية بفعالية.
لضمان جودة الممارسة المهنية، يتوجب على الأخصائي النفسي أيضًا الخضوع لفترة تدريب عملية طويلة نسبيًا وكافية. بالإضافة إلى ذلك، يجب عليه الحصول على ترخيص مزاولة المهنة النفسية، الذي يؤهله قانونيًا لمعالجة المرضى. هذه الخطوات تضمن أن الأخصائي النفسي لديه المعرفة والمهارات اللازمة لتقديم رعاية نفسية فعّالة ومهنية.
طريقة الاخصائي النفسي في التشخيص
يضع الأخصائي النفسي امام عينيه العلاقة الصحيحة والدقيقة بين السلوكيات والأفكار والمشاكل والاضطرابات النفسية جميعا، ولا يبحث –بشكل رئيسي وأساسي– عن الخلل الموجود في كيمياء المخ أو حتى الأدوية التي تعالجه، لأنه لا يدخل ذلك ابدا في نطاق عمله كأخصائي.
ويجري عندها الأخصائي النفسي مجموعة متنوعة من الاختبارات النفسية المتعددة، ويلاحظ عندها الأعراض الموجودة لدى المريض، وهنا يكون مستعينًا أيضًا بالدليل التشخيصي والإحصائي الكامل للاضطرابات النفسية.
اما طريقة الاخصائي النفسي في العلاج
يعتمد الأخصائي النفسي بشكل واضح وأساسي على العلاج النفسي الكامل والاستشارات النفسية المختلفة والمتنوعة ليساعدك على مواجهة كل مخاوفك ومشاكلك وتعديل بعض سلوكياتك التي تتصرف بها وأيضا أفكارك المرضية.
ومن أمثلة العلاج النفسي ما يلي:
- العلاج السلوكي المعرفي: هنا في هذا العلاج يحدد الاخصائي النفسي نمط التفكير الخاطئ الذي تفكر به ويساعدك عندها على تعديل كل سلوكياتك وردود أفعالك ايضا، وفق خطة محددة ومدروسة.
- العلاج النفسي التفاعلي: يهدف هذا العلاج لحل كافة الاضطرابات النفسية الحاصلة والناجمة عن وجود مشكلة كبيرة في تواصل الفرد او الشخص مع كل المحيطين به.
- العلاج النفسي الإنساني: هنا يساعدك هذا النوع او الطريقة في العلاج على تقبل ذاتك ومداراتها والتعامل معها ويغير عندها نظرتك عن كل العالم من حولك، ويريك عندها تأثيره على تصرفاتك وسلوكياتك ومشاعرك.
- العلاج الأسري: تبدأ هذه الجلسة في وجود كل أفراد العائلة مع المريض وذلك بهدف تحسين وتطوير العلاقات الأسرية والعائلية التي من شأنها التأثير بشكل إيجابي على نجاح خطة العلاج المتبعة.
كما ويمكن لكافة جلسات العلاج النفسي أن تكون بطريقة فردية أو حتى جماعية، وذلك حسب حالة المريض، وأيضا رغباته، واستعداده النفسي، وكذلك قدرته المادية.
اما إذا أردنا ان نعرف من هو المعالج النفسي؟
المعالج النفسي هو متخصص في مجال الصحة العقلية يقدم الدعم والعلاج للأفراد الذين يواجهون تحديات نفسية، عاطفية، وسلوكية. يمكن للمعالجين النفسيين أن يأتوا من خلفيات تعليمية متنوعة ويحملون تسميات مختلفة بناءً على تدريبهم وتخصصهم، مثل أخصائيين نفسيين، أخصائيين اجتماعيين، مستشارين، وأحيانًا أطباء نفسيين الذين يقدمون أيضًا العلاج النفسي إلى جانب العلاج الدوائي.
متى أحتاج إلى طبيب نفسي؟
قد تحتاج إلى استشارة طبيب نفسي في الحالات التالية:
1. الاضطرابات النفسية الشديدة: إذا كنت تعاني من اضطرابات نفسية شديدة مثل الاكتئاب الحاد، الاضطراب ثنائي القطب، اضطرابات القلق الشديد، الفصام، أو اضطرابات الأكل، يُنصح بزيارة طبيب نفسي. الطبيب النفسي مؤهل لتقييم حالتك وتقديم العلاج الدوائي إذا لزم الأمر، بالإضافة إلى تقديم الدعم النفسي والعلاجات السلوكية.
2. الحاجة للتشخيص الدقيق: الطبيب النفسي مدرب على تشخيص الحالات النفسية بدقة عبر استخدام معايير تشخيصية محددة وأحيانًا الاختبارات النفسية والتقييمات السريرية.
3. التفكير في الانتحار أو إيذاء النفس: إذا كنت تفكر في الانتحار أو لديك أفكار حول إيذاء نفسك، فمن الضروري طلب المساعدة من طبيب نفسي فورًا.
4. العلاج الدوائي: إذا كنت بحاجة إلى علاج دوائي لتحسين حالتك النفسية، فالطبيب النفسي هو الأكثر تأهيلاً لوصف الأدوية المناسبة ومتابعة تأثيراتها وتعديل الجرعات بناءً على استجابتك للعلاج.
5. الحالات المعقدة: في حالات الاضطرابات النفسية المعقدة التي تتطلب نهجًا متعدد التخصصات للعلاج، مثل الجمع بين الأدوية والعلاج النفسي وأحيانًا تدخلات طبية أخرى.
6. الرغبة في الحصول على رأي طبي متخصص: إذا كنت ترغب في الحصول على تقييم شامل لحالتك النفسية من قبل متخصص يمكنه تقديم نصائح دقيقة حول خيارات العلاج المتاحة.
من المهم التذكير بأن طلب المساعدة النفسية هو خطوة شجاعة نحو تحسين جودة حياتك وصحتك العقلية. إذا كنت غير متأكد من نوع الدعم الذي تحتاجه، يمكنك التواصل معنا للحصول على استشارة مع طبيب نفسي اونلاين .
في الختام
يمكننا أن نستنتج أنه على الرغم من الشبه الواضح بين الطبيب النفسي والاخصائي النفسي، هناك اختلافات أساسية تحدد كل منهما في مجاله الخاص. الطبيب النفسي هو طبيب مؤهل يدرس الطب ويتخصص في التشخيص والعلاج الدوائي للأمراض النفسية. يتمتع بالقدرة على وصف الأدوية ومتابعة العلاج النفسي للمرضى.
أما الاخصائي النفسي، فهو متخصص في علم النفس ولديه خبرة واسعة في التقييم والتشخيص النفسي. يستخدم الاخصائي النفسي أدوات وتقنيات عديدة لفهم السلوك والعقلية البشرية ويعمل على توفير الدعم النفسي والمشورة للمرضى , اذا واجهت صعوبة في اختيار الطبيب النفسي كل ماعليك الا التواصل معنا لنساعدك في الاختيار .
بشكل عام، يتعاون الطبيب النفسي والاخصائي النفسي سويًا لتوفير الرعاية الشاملة للأفراد الذين يعانون من مشاكل نفسية. فالطبيب النفسي يتعامل بشكل أكثر تركيزًا على العلاج الدوائي والتشخيص الطبي، في حين يستخدم الاخصائي النفسي المقابلات والاختبارات النفسية لفهم تحديات المريض ويوفر له الدعم والمشورة.
بغض النظر عن الاختلافات بينهما، فإن الهدف المشترك للطبيب النفسي والاخصائي النفسي هو تحسين صحة الأفراد النفسية ورفاهيتهم. يتطلب العمل في هذا المجال فهمًا عميقًا للطبيعة البشرية والقدرة على التعامل مع مجموعة واسعة من التحديات النفسية.
مهما كانت التسمية أو اللقب الذي يحمله الخبير النفسي، فإن الأهم هو أن يكون لديه المهارات والمعرفة اللازمة لتقديم الرعاية المناسبة للأفراد الذين يلجأون إليهم في أوقات الحاجة. الطبيب النفسي والاخصائي النفسي يشكلان فريقًا قويًا لمعالجة الصعوبات النفسية والعقلية وتقديم العون والدعم للمرضى.
في النهاية، يجب علينا أن نقدر الجهود المبذولة من قبل كل من الطبيب النفسي والاخصائي النفسي في مجال الرعاية الصحية النفسية. إنهما يساهمان بشكل كبير في تحسين حياة الأفراد ومساعدتهم على التغلب على التحديات النفسية التي يواجهونها.
تعليق واحد
التعليقات مغلقة.
[…] الفرق بين الطبيب النفسي و الاخصائي النفسي […]