فعالية العلاج النفسي اونلاين : في ظل الواقع الافتراضي الذي يحيط بنا و وسائل الاتصال الالكترونية التي سيطرت على حياتنا قلَّ ما يخلو بيتٌ من وسيلة تواصل اجتماعي اثبتت جدارتها في تسهيل أمور الحياة جميعها وتقريب كل بعيد وايجاد حل لكل مشكلة، ولكن هل امتدّت لتصبح بمثابةِ علاجٍ لأمراضنا؟
نعم لقد حصل ذلك وقد عولجت الكثير من الاضطرابات النفسية عن طريق التواصل عن بعد مع العلاجيين والاخصائيين النفسيين والمريض متواجد في ركنه المريح في منزله تنعكس التغيرات الإيجابية في شخصيته من شاشةٍ افتراضيةٍ الى واقعٍ ملموس فمعظم المرضى النفسيين يترددون في الذهاب الى العيادة النفسية ، يكمن وراء هذا التردد مجموعه من الافكار والمفاهيم المغلوطة منها ما يلي:
- خوف المريض من التكلم بما يكمنه لكي لا يشعر بالضعف
- الظن ان أغلب جلسات العلاج النفسي مجرد محادثات فارغة لا تعطي نتائج مثمرة
- الابتعاد عن البوح بآلام الماضي ونبش الجروح
- خشيه المريض من تفشي اسراره وخروجها خارج نطاق العيادة وعدم الثقة بالمعالج النفسي
- تجنب ملاحظة الناس ذهاب المريض الى العيادة النفسية بسبب التخيلات و الأوهام المتشكله في مجتمعنا حول الطب النفسي.
لذلك حظيت فكرة العلاج النفسي اونلاين على قيمة مختلفة في أذهنة المرضى النفسيين و اكتسبت مقومات ومميزات اخرى مثلاً:
الاسباب التي تجعل فعالية العلاج النفسي اونلاين مرتفعة
- اختيار طريقة التواصل الأكثر راحة للمريض و تعدد الخيارات أمامه سواء التواصل مع المعالج النفسي بمحادثه فيديو او إخفاء صورة المريض والبقاء على المكالمة الصوتية او الاقتصار على الكتابة التي تمنح المريض وقتاً يتأمل فيه ما يكتبه و يستطيع التركيز به
- عند عدم التحدث وجها لوجه يصبح لدى المريض مساحة حرية أكبر يستطيع فيها التكلم عن اشياء محرجة لا يستطيع التحدث بها بشكل مباشر
- الرهاب من فكرة الذهاب الى طبيب نفسي وجهه نظر المجتمع حولها والتي تؤثر سلباً على المريض و تقف عائقاً في طريق علاجه
- تخفيف الازدحام في العيادات النفسية خاصة في ظل الجائحات المرضية و انتشار الأوبئة مثل جائحة كورونا
- مكانية العلاج على أيدي أطباء نفسيين مشهورين في بلدان اخرى
- إمكانية الاستمرار في العلاج النفسي عند الطبيب النفسي المعتمد في حال انتقال السكن او السفر
و يتم العلاج النفسي اونلاين وفق خطة علاجية يضعها الطبيب النفسي تشمل ما يلي:
- تحديد نوع ودرجة الاضطراب الذي يعاني منه المريض
- تحديد عدد جلسات أسبوعية تتناسب مع حالة المريض
- الوصول إلى مقياس نجاح العملية العلاجية في كشف المريض لنقاط ضعفه و ثغرات شخصيته
- مساعدته على تقبلها و مواجهة مخاوفه تجاهها
- إمكانية المتابعة اليومية برسائل الدعم النفسي للمريض
- و المرحلة الأهم وهي اكتساب ثقة المريض
فالعلاقه بين المريض والمعالج النفسي قائمة على الود والتفاهم تخلو من الانتقاد والضوابط والبعض يرى ان العلاج عن بعد علاج الافتراضي غير مثمر ولا نتائج مُرضية له وآخرون يجدون ان تواجد المريض في بيئته ومكانه الآمن وسط المحيط الذي يعاني فيه من اضطراباته النفسية وتقلباته المزاجية يشعره بالاستقرار والراحة للبوح بحديثه الخاص في بفاعلية و أمان و عمق اكبر
وتواجه فكرة العلاج النفسي عبر الانترنت مشاكل وسلبيات عديدة نذكر منها:
_ عدم انتشار العلاج النفسي اونلاين في العديد من البلدان و عدم التوعية حوله مما يحول بين المرضى وعلاجهم
_تفاوت جودة الانترنت وسرعته تجعل المريض يشعر بالتوتر أحياناً وينسحب من تكرار الكلام الذي تفوه به
_موضوع الخصوصية اذا كان المريض لا يعيش وحده في المنزل فيستمر بالخشية من اختراق أحاديثه وهو يتفوه بها
_في العلاج المباشر شكل لغة جسد المريض و مؤشرات يديه وايماءات وجهه وحركاته عناصر هامة لتحديد الاضطراب النفسي الذي يعانيه يفقدها الطبيب النفسي عند العلاج عن بعد
_صعوبه العلاج حسب الفئة العمرية فالاطفال لا يجذبهم الحديث بهذا الشكل مع الطبيب النفسي حيث تكثر الملهيات ومشتتات الافكار أمامهم
_عدم التأكد من هوية الطبيب النفسي ومصداقية شهادته الطبية من قبل المريض جعل الكثير من المرضى ينجرفون وراء اشخاص ينتحلون شخصية الطبيب و المعالج النفسي بدعايات تجذب المريض و تقنعه بصدقهم و تجاربهم
ولا يستطيع العلاج النفسي عن بعد شفاء جميع الأمراض النفسية فهناك حالات تحتاج الى علاج مباشر حتميّ
كما تلعب قابلية المريض للعلاج وحيويته وتفاعله مع الطبيب النفسي والتزامه بالجلسات الالكترونيه واتباع النصائح الموجهة إليه دوراً كبيراً في سرعه الشفاء والاستجابة للعلاج ، باعتبار العلاج النفسي عن بعد وسيلة سهلة في متناول جميع المرضى النفسيين و تمنحهم أماناً و اطمئناناً وسكينةً في خوض تجربة العلاج النفسي.
مفالات ذو صلة
مراجع
No Comment! Be the first one.